ليلة النصف من شعبان

موضوع: ليلة النصف من شعبان 05.08.09 18:14

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي في الله

نعيش في أيام مباركة ونفحات عظيمة متوالية من رب العالمين
والعاقل هو من تعرض لتلك الأيام واغتنمها وفاز فيها
وشهر شعبان هو شهر عظيم تتعدد فيه الخيرات ففيه تحولت القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام
وقد ذكر الله هذا في كتابه فقال: سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ *وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ *قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ

وهو أيضا شهر رفع الأعمال
ففي المسند و عند أهل السن من حديث أسامة بن زيد أنه قال قلت يا رسول الله مالي أراك تصوم في شعبان مالا تصوم في غيره فقال صلى الله عليه وآله وسلم (إن شهر شعبان ترفع فيه الأعمال إلى الله و أنا أحب أن يرفع عملي و أنا صائم)

ونتوقف مع المناسبة التي نحن بصددها
وهي ليلة النصف من شعبان فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول [ يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ] صححه الألباني

وكما نعلم فالناس بين مؤمن وكافر
فالله لا يغفر للكافرين في هذه الليلة
ولكنه استثني طائفة من المؤمنين لا يغفر لهم
وهم المشاحنين
إنه لم يستثن العصاة أو تاركي النوافل او غيرهم
لكنه استثنى المشاحنين

وهذه إشارة عظيمة ينبغي أن نتوقف عندها
إن الإسلام هو دين الأخلاق
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
وامنا عائشة رضي الله عنها تصف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم بأن خلقه القرآن كان قرآنا يمشي على الأرض

نعم أحبتي
هذا من مراد الله من خلقه
فالصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر
لذا فتعتبر الأخلاق من أفضل ثمار العبادة

فالمؤمن يمر بمراحل عدة بدايتها الإيمان وأن يكون قلبه خالصاً لوجه الله تعالى ومن ثم يؤدي ما أمره الله به وعندها عند هذه النقطة تكون أخلاقه سامية ويُعرف بين الناس بأخلاقه

فسلامة القلب من الأمراض هي سبيل الفوز في الداريين
وانظروا إلى هذا الحديث الرائع

كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال ، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم : مثل ذلك ، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى ، فلما كان اليوم الثالث ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : مثل مقالته أيضا ، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو ، فقال : إني لاحيت أبي ، فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثا ، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت . قال : نعم . قال أنس : فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه تعار تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل ، وكبر حتى صلاة الفجر . قال عبد الله : غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا ، فلما مضت الثلاث الليالي ، وكدت أن أحتقر عمله قلت : يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات : يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ، فطلعت أنت الثلاث مرات ، فأردت أن آوي إليك ، فأنظر ما عملك ، فأقتدي بك ، فلم أرك عملت كبير عمل ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما هو إلا ما رأيت ، فلما وليت دعاني : ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه فقال عبد الله : هذه التي بلغت بك

أرأيتم أحبتي في الله كيف وصل إلى تلك المنزلة
أن يبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة فقط لسلامة قلبه وطهارة نفسه

وقد فاز صاحب هذا الخلق بحب النبي صلى الله عليه وسلم
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أحبكم إلي ، أحاسنكم أخلاقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون

ولعل ما وصلنا إليه ما حياة مضنية بلا طعم ولا مذاق إنما وصلنا إليه بسوء أخلاقنا

نعم انظر إلى أخلاق الناس وكيف تحول المنكر إلى معروفا وصرنا نسمع أفحش الألفاظ تتبادل بين الشباب وهم في قمة المرح والسعادة
ربما ينظر البعض إلى هذا على أنهم قلة
ولكن للأسف لقد ساد هذا الخلق على المجتمع فكان حالنا هو المعروف الآن
ولم نصل إلى هذا إلا بابتعادنا عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وخلق الإسلام
وافتقدنا الحب
نعم غاب الحب بين الناس وصارت البغضاء والكراهية عنوانا مؤسفا للحياة

انظروا إلى هذه الآية العظيمة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
يحبهم ويحبونه
أذلة على المؤمنين

فالمؤمن ذليل بين أخوانه عزيز على اعداءه

هذه صفات المؤمن الحق الذي عرف الله سبحانه وتعالى وعبده حق عبادته

فهذه دعوة للعودة والتوبة

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا في هذه الليلة المباركة

اللهم آمين