الصلاة على الإمام الأكبر بالمسجد النبوي ودفنه بالبقيع
|
| |
| جثمان شيخ الازهر | <td width=1> |
الرياض: أدى جموع المصلين في المسجد النبوي الشريف يؤمهم الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي، بعد صلاة العشاء أمس- صلاة الجنازة على فقيد الأمة الإسلامية فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي الذي توفي بأزمة قلبية مفاجئة صباح أمس في مطار الملك خالد الدولي بالرياض عقب مشاركته في حفل توزيع جائزة الملك فيصل العالمية.
وفي مشهد مهيب أحاطت الجموع الغفيرة بالنعش حتى ووري الثرى في بقيع الغرقد بالمدينة المنورة إلى جوار أكثر من عشرة آلاف صحابي.
ومنذ وقت مبكر احتشد عدد كبير من الجالية المصرية في أروقة المسجد النبوي بغية المشاركة في الصلاة على الفقيد.
وعقب أن فرغ المصلون من الصلاة تهافت آلاف المقيمين من المشيعين يتقدمهم السفير المصري بالمملكة محمود محمد عوف وعدد من مسؤولي السفارة المصرية إلى جانب مسؤولين من المراسم الملكية من المدينة المنورة على مراسم التشييع.
وحسبما ذكرت صحيفة "الرياض" السعودية، وصلت الطائرة التي تحمل جثمان الفقيد مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي عند الساعة السابعة مساء امس الاربعاء وكان في استقبالها نائب القنصل العام في جدة علي الحلواني والسيد يوسف الحمدان من لجنة الجائزة، وعدد من المسؤولين وحشد من الصحفيين والإعلاميين.
ومنذ وقت مبكر انتشر رجال الأمن السعودي تتقدمهم القيادات الأمنية في شرطة المدينة المنورة والتي شرعت على الفور في أخذ مواقعها لتنظيم حركة دخول وخروج الجنازة بكل سلاسة.
وكانت أسرة الفقيد طنطاوي قد وصلت إلى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة قبيل صلاة العشاء حيث كان في استقبالهم مسؤول من السفارة المصرية حيث ألقوا النظرة الأخيرة على والدهم الراحل وسط أجواء سادها الحزن الذي خيم على الجميع.
وكان جثمان شيخ الأزهر قد وصل إلى إدارة التجهيز المعنية بتغسيل وتجهيز الأموات عقب صلاة المغرب مباشرة حيث تم تجهيز الجثمان تمهيدا للصلاة عليه، وما إن وصلت العربة التي تقل جثمان الإمام الراحل حتى تهافت المئات من الجالية المصرية والتي غطت الساحة الخارجية لإدارة التجهيزات فيما تم بعد ذلك حمل جثمان شيخ الأزهر على الأكتاف من قبل ذويه وعدد من مسؤولي السفارة المصرية.
|
| |
| جثمان شيخ الازهر | <td width=1> |
من جهته أبدى السفير المصري محمود عوف عظيم حزنه وألمه على وفاة الفقيد قائلا في حديثه لصحيفة "الوطن" السعودية عقب تشيع جنازة شيخ الأزهر إن المناقب وجهود الفقيد طنطاوي لا تعد ولا تحصى، فقد دخل كثيرا في معارك عدة وقاد العديد من المبادرات الإسلامية التي تؤكد سماحة هذا الدين ويسره.
وفيما يتعلق بالرواية الرسمية لوفاة الفقيد قال السفير إن الوفاة كانت ناتجة عن أزمة قلبية حادة لم تمهله كثيرا.
وظهر من بين المشيعين أحد أنجال الفقيد، والذي بدا منهارا من هول الصدمة قائلا في حديثه لـ"الوطن" إنه من الأمنيات التي كان يتمناها الفقيد أن يرزق جوار الرسول بالمدينة المنورة وهو ما تحقق له بالفعل، مشيرا إلى أن كل أفراد أسرة طنطاوي تتمنى ذات الخاتمة.
ونفى نجله أن يكون الفقيد قد ظهرت عليه أي علامات توحي بدنو أجله قبل سفره للمملكة العربية السعودية حيث كان في كامل صحته، وكان يزاول نشاطه المعتاد.
إلى ذلك عبر مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا عن ألمه وحزنه على فراق فضيلة الإمام الأكبرقائلاً: أسأل الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجعل مسكنه الفردوس الأعلى، وقد فوجئنا جميعا بنبأ وفاة فضيلته، حيث كنا ننتظر وصوله بعد أقل من عشرين يوما للمدينة المنورة للمشاركة في المؤتمر الدولي الأول للإرهاب "الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف" .. حيث قدم فضيلته بحثا علميا متميزا للمؤتمر وسوف يناقش في الجلسة الأولى مع بحث وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ. وأضاف : لا نملك إلا أن ندعو له بالرحمة والمغفرة، ونتوجه للحكومة المصرية ولأسرته وطلابه ومحبيه بأحر التعازي والمواساة.
بدوره، قال إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح بن عواد المغامسي: "شيخ الأزهر - رحمه الله - أحد علماء الأمة الكبار، فالأزهر له رسالته الإسلامية السامية في هذا العصر، وشيخ بهذا المقام يتولى المكان المبارك له ثقله في الأمة، فوفاته ثلمة وأي ثلمة، وقد كتب الله له أن يموت في هذه البلاد المباركة بعد أن جاء للمشاركة في جائزة الملك فيصل العالمية إذ أنه أحد أعضاء لجانها، ولشيخ الأزهر من الجهود المباركة المتواصلة في خدمة الأمة ما لا يخفى على أحد، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ويرحمه، وأن يعوض أمة الإسلام خيرا، وأن يرزق أهله وذويه الصبر والسلوان ".
وانتقل الإمام الأكبر إلى رحمة الله تعالى صباح امس الاربعاء بالرياض اثر أزمة قلبية مفاجئة عن عمر ناهز الثانية والثمانين عاما بعد حياة حافلة شغل خلالها الكثير من المناصب الدينية الرفيعة وأثار الكثير من الجدل.
وكان الشيخ طنطاوي يستعد لمغادرة الرياض إلى القاهرة، وأمام البوابة 28 في مطار الملك خالد وقف شيخ الأزهر الراحل متأهبا للسفر ولم تبد عليه أي عوارض للمرض, قبل أن يسقط فجأة أمام "كونتر" المغادرة وسط دهشة المودعين الذين حملوه على الفور في محاولة لإنقاذه من الأزمة القلبية المفاجئة لكن إرادة الله كانت قد نفذت ليلقى الشيخ وجه ربه الكريم صبيحة نفس اليوم الذي توفي فيه العلامة الشيخ محمد الغزالي قبل أربعة عشرعاما
كان الدكتور طنطاوى يعانى من مرض فى القلب حيث سبق وتم تركيب دعامة بقلبه عام 2006 ويعاني من تذبذب فى مرض السكر وتعرض الفقيد لأزمة صحية نهاية عام 2008 إثر إصابته فى إحدى ساقيه بالتهابات حادة فى أعصاب الساق وتم دخوله مستشفى وادي النيل لمدة 10 أيام .
والشيخ طنطاوي هو الإمام الثاني والأربعين في تاريخ الأزهر الشريف وتولى مشيخة الأزهر عام 1996 خلفا للإمام جاد الحق علي جاد الحق ، وكان طنطاوي من أغزر علماء الأزهر علما وله العديد من الكتب ، يدرس بعضها في المعاهد الأزهرية الآن.
البقيع وحسن الخاتمة
|
| |
| جثمان شيخ الازهر | <td width=1> |
من ناحية اخرى، أكد الدكتورعبد الله النجار المستشار الخاص لفضيلة الإمام الأكبر ان وفاة الشيخ كانت مفاجأة كبرى لأنه بدا في صحة جيدة للغاية قبل سفره إلى الرياض حيث شارك في حفل توزيع جوائز الملك فيصل لتطوير اللغة العربية، وهو حفل يرعاه الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وفي تصريحات خاصة لصحيفة "القدس العربي" اللندنية، أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف أن الإمام الأكبر كتب الله له حسن الخاتمة بدليل انه سوف يدفن في البقيع وهي درجة توجب له الجنة.
وقال الأطرش: "'شاء المولى عز وجل أن يعري هؤلاء ويفضحهم حينما كتب لطنطاوي تلك الوفاة التي يغبطه المرء عليها من شدة ما فيها من بشائر خير".
أما الشيخ محمود عاشور وكيل مشيخة الأزهر سابقا فلا يرى في الدفن في البقيع إشارة على أن الميت من أهل الرضوان الذين ينالون الجنة. وقال عاشور: "بماذا سينفع البقيع صاحبه إذا كان من أهل المعاصي ولم يؤد الفروض كما أمر المولى عزّ وجل".
وحول ما إذا كانت نهاية طنطاوي من حسن الخواتيم قال عاشور نرجو من الله عز وجل ان تكون كذلك، لكننا لانستطيع أن نفتي بشيء في هذا النطاق ونرجو له المغفرة والرحمة.
وفي ذات السياق انتقد الداعية يوسف البدري الذين يهاجمون الشيخ الفقيد، مشدداً على أنه اختلف معه كثير اً في العديد من القضايا ، لكنه أكد على أن طنطاوي كان عالماً كبيراً ترك العديد من المؤلفات الهامة للمكتبة الإسلامية حتى ولو نعت بين الكثيرين باعتباره عالم السلطان.
وطلب البدري من منتقدي الشيخ أن يكفوا عن توجيه سهامهم إليه وأن يكتفوا فقط بالدعاء له لأنه بين يدي الله عز وجل، ويشدد على رفعة درجة من يدفن في البقيع لأنه في هذه الحال سوف يكون بإذن الله من بين من يعفى عنهم كما ورد في الحديث الشريف (من استطاع أن يكون دفين المدينة فليفعل فإنهم اول بعثاً وأول حساباً وأول الناس جوازاً للصراط وأول الناس دخولاً للجنة)أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
الجانب الآخر من حياة شيخ الأزهر
يقول الفقيد الراحل عن حياته الشخصية: "أنا إنسان عادي كأي إنسان يفرح ويحزن ،وأؤدى واجبي فى عملى بإخلاص ونية فى خدمة العلم والعلماء وأذهب إلى مكتبي مبكرا وفى المواعيد الرسمية للعمل حتى أكون قدوة لغيري ،ثم بعد انتهاء موعد عملى أعود إلى منزلي ثم أستريح وبعد ذلك أتابع وأنا فى المنزل معرفة الأخبار من خلال مشاهدتى للتليفزيون وباقي الوقت أجلس مع أحفادى".
وردا على سؤال لموقع "اليوم الالكتروني" السعودي حول مكانة المرأة كزوجة عند شيخ الأزهر، قال: "الحمد لله أنا تزوجت من نفس القرية التي ولدت بها وكانت زوجتي رحمها الله تعالى رحمة واسعة ابنة أحد أقربائي فقد عشنا بفضل الله تعالى حياة سعيدة وهادئة فقد توفاها الله تعالى منذ عامين فكانت نعمة الزوجة فقد ساعدتني على تحقيق جميع النجاحات التي ظفرت بها في حياتي، وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم (الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة)، وقوله صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال) فالمرأة المخلصة تحول الحياة من جحيم إلى جنة والعكس صحيح".
وحول الطريقة التي تم بها زواج شيخ الأزهر، يقول الإمام الأكبر: " زواجي تم حسب الشريعة الإسلامية تقدمت لخطبة زوجتي وقبلت ثم عقدنا عقد الزواج ثم دخلت بها والزواج تم حسب عادات وتقاليد أهل الصعيد أو ما يسمونه زواجا تقليديا والذي أسميه زواجا إسلاميا ليس هناك اختلاط بين الرجال والنساء أو أن شيئا آخر يتنافر مع تعاليم الإسلام ولهذا كان الزواج مباركا وموفقا".
وحول رأي الدين في إجبار المرأة على الزواج من شخص لا ترغبه، قال الشيخ طنطاوي رحمه الله: "شريعة الإسلام أباحت للمرأة أن تختار الزوج الذي تريده اختيارا حرا لا إكراه فيه ولا إجبار، وأوجبت على وليها أن يبدأ بأخذ رأيها عند تقدم أحد لخطبتها وأن يعرف رأيها قبل العقد لأن الزواج معاشرة دائمة ولا يدوم الوئام ويبقى الود والانسجام ما لم يعرف أنها راضية عنه".
اضاف: " ولقد حرم الإسلام إكراه المرأة على الزواج ممن لا تريد الزواج منه وجعلت العقد عليها دون استئذانها غير صحيح وأباحت لها الشريعة الإسلامية المطالبة بفسخ العقد إبطالا لتصرفات الولي المستبد الذي عقد عليها دون إذنها ورضاها".
وعند سؤاله عن أهم كتاب قرأه في حياته، قال شيخ الأزهر الراحل: " أهم كتاب هو القران الكريم وهو دستور المسلمين وكما اخبرنا النبي انه في نبأ من قبلنا وخبر ما بعدنا ، فأنا دائما حريص وبشكل يومي على قراءة القرآن الكريم وتعليمه لأحفادي ودائما أقول لأبنائي في الأزهر: من لم يحفظ القرآن ليس بأزهري ونادرا ما تجد إنسانا يتخرج من الأزهر لم يكن حافظا للقرآن الكريم".